الاثنين، 16 سبتمبر 2013

5 Broken Cameras - Emad Burnat & Guy Davidi


" قررت أصور مشان أرجّع ذكرياتي" هكذا يفتتح عماد برناط فيلمه عن أصدقائه الخمسة، كاميراته، ليروي فيها قصة مقاومة قريته بلعين ضد الجدار العازل والاحتلال ممثلة بثلاثة أبطال: جبريل، طفله الذي ولد مع أول كاميرا امتلكها، باسم أبو رحمة، والملقب بالفيل، وأديب.

          امتلك عماد كاميرته الأولى بعد أن جاء طفله الأخير، جبريل، لكنه وككل فلسطيني يُكنِّي موعد خروج أطفاله للعالم بتسميات مرتبطة بوجه من أوجه المقاومة. فطفله الأول جاء بعد أمل أوسلو، طفله الثاني جاء بعد أن تمكنت السُلطة وفردت أجنحتها على كل من الضفة الغربية وغزة، بينما طفله الثالث جاء مع بداية الانتفاضة الثانية، والأخير جبريل جاء مع بدء إسرائيل في بناء الجدار العازل الذي يفصل بينها وبين الضفة الغربية.

          قضم الجدار العازل أكثر من 50% من أراضي قرية بلعين، لكن أهل بلعين ما انفكوا عن الخروج في مظاهرات سلمية من أجل استعادة أراضيهم المنهوبة. ولم تخلو مظاهراتهم من الرمزية، أو استخدام أساليبَ للنكاية بالعدو؛ ففي كل مرة كان المتظاهرون في بلعين يفاجئون الجيش بإصرارهم الكبير على رفض مصادرة الأراضي ومحاولاتهم المستميتة بإرجاع الأراضي المسلوبة. لكن ردة فعل الجيش في كل مرة تزداد حدّتها، فتارة يحرقون أشجار الزيتون، وفي أخرى يقومون فيها باعتقال الأطفال ليلاً أو الهجوم بشكل وحشي على المتظاهرين.  وبعد أعوام طويلة من المظاهرات صدر قرار من المحكمة العليا يأمر بتفكيك جزء من الجدار العازل، وخرجت الاحتفالات في كل أنحاء بلعين؛ غنت النسوة، دبك الشباب، وخرجت السيارات تجوب الشوارع معلنة النصر، إلا أن قرار المحكمة العليا لم يأخذ حيز التنفيذ إلا بعد سنة كاملة راح فيها شهداء كثر.

          جبريل طفل فلسطيني يمثل الشريحة التي ولدت خلال الانتفاضة الثانية أبان فترة بناء الجدار العازل. شاهدنا وعلى مدار أكثر من خمسة أعوام كيف استفاق جبريل من طفولته سريعاً. كيف علّمه والده أن الخوف ليس سوى أكذوبة علينا أن نتغلب عليها "تخافش" يطلقها عماد بصوتٍ عالٍ كلما مرّت دورية للجيش. جبريل بطبيعة الحال لم يخف يوماً من الجيش، كان يقول لأمه مراراً حينما يعود من المظاهرة التي يكون فيها برفقة والده أن الجيش يرمي الشباب بالرصاص والقنابل المسيلة للدموع ولكنه لم يخف. حينما كان يطلب الجيش من السكان أن لا يخرجوا في مظاهرة يوم الجمعة كانت زوجة عماد تخبر أطفالها أن كل ما يقوله جيش الاحتلال هو هراء لأنهم يعرفون أن الأرض لهم. في رأس جبريل تدور صراعات وأسئلة كثيرة : لماذا لا تبعط الجيش يا والدي فدية لل"فيل"؟ لماذا "طخ" الجيش الفيل؟ ولماذا استباحوا أرضنا؟ سيكبر جبريل وسيعرف أنه مثل غيره من الأطفال الفلسطينيين لم يعش طفولته ككل أطفال العالم بسلام، وإنما خلق رجلاً دفعة واحدة. حينما كنتُ في الابتدائية، أعلنت التربية عن مسابقة في التعبير عنوانها " متى أدركت أنك لم تكن طفلاً؟" وكنت أعرف وموقنة تماماً أننا لم نكن يوماً أطفالاً، ولم نعرف ماهي الطفولة، لأننا خلقنا رجالاً كي نعيش كل هذه المقاومة.

          برناط، الفلاح الذي لم يحلم مرَّة في حياته أن يخرج فيلماً ولا يبدو أنه قد حصل على قسط وفير من التعليم، استطاع بكل ألم وبساطة وسهولة أن يحكي قصة فيلمه التي لن تنتهي، وأجبر العالم أن يستفيق لواقع لم تعد تذيعه نشرات الأخبار.


          استطاع فيلم عماد أن يطرق باب الخزان. طرقه وعلا صوته بين العالم الأجمع، فهناك حق لنا يجب أن يعود. هذا فيلم يستحق أن يكون هدية لكل من لا يعرف شيئاً عن فلسطين.

ثناء

هناك تعليق واحد:

P A S H A يقول...

كل سنة وحضرتك طيبة وبألف خير وصحة وسعادة ورضا وراحة بال وسلام وإن شاء الله يكون عام جديد سعيد عليكي وعلى أسرتك الكريمة وتحققين فيه كل ما تتمنين
:)

أطيب تحياتي