السبت، 24 يناير 2009

رأيت رام الله - مريد البرغوثي


رام الله وطَنٌ كَبير مليءٌ بالحَنان والأمنيات. مدينَة الأمل، صوتُ الموسيقا، الراية الحَمراء المليئَة بالثُوَّار، بالأشقياء، بالزَهر وشقائق النُعمان والصَخب الكَبير الذي يلُف أجواء الليل. الليلُ في رام الله مُذهل. لا يُشبهُه أيُ ليل آخرَ. مليءُ بالضَحك، بالحكايا المجبُولَة بالمَرح. رام الله بيتُ المُوسيقا .

في روايته – مريد البرغُوثي – يحكي تجربَة العَودة للوَطن، كيف حدث لم الشمل ؟ كيف وجد رام الله بعد ثلاثين عاماً ؟

ترك مريد البرغوثي رام الله في فترة الستينات لكي يلحتق بالجامعة في القاهرَة. على أن يعُود بعد أربع سنوات بعدَ أنْ يُُكمل دراستهُ الجامعيَّة هُنالك. وفي تلك الأثناء ، قبل تخرجه بفترة بسيطَة، بدأت حرب ال 67 وقررت إسرائيل على إثرها منعَ أي شخص خارج البلاد من العودة إليها. كانت صَدمة كبيرَة على كُل من يعملُ في الخارج. كيف سيعُودون لأهلهم ؟ لا أعرف تماماً ماذا كان سيحصُل لي لَو مرت حالة مُشابهةٌ عليَّ. فالوَطن أم لا نستطيعُ أن نعيش من دُونه. استطاع مريد أن يحصل على لم الشمل. ولكن بعد ثلاثين عاماً !! ثلاثين عماماً بالتمام والكمال ! بقي طيلَة الثلاثين عاماً هذه في القاهرَة، تعرف على رضوى عاشُور وانجب منها ابناً أسماهُ تميم . وقبل أن يُكمل تميم النصف سنة، تم منع مريد من دخول القاهرة، اقتيد ورُحل منها . وطوال سبعة عشر عاماً لم يستطع أن يزور القاهرَة، وصار يزورها في لقاءات الكُتاب وغيرها وبعدها تم السماح لهُ بزيارتها. حنقتُ على ما قامت به مصر جرَّاء البرغوثي، ليس فقط لأجله، ولكن لأنها كانت تتعمد أن وراء كل مظاهرة هُنالك فلسطيني ويجب أن يُعاقب وإن كان الحظ حليفك فلن يطرُقوا بابك وإن كنت صاحب حظ سيء فتوقع أن تُسفر خارج البلاد. انتقل مريد للمهجر – للمجر تحديداً – وصار يرى عائلته مرتين في السنة. في عطلة الشتاء وعطلة الصيف فقط . في أول مرة رأى فيها تميم – ابنه – بعد ترحيله من مصر ، ناداه تميم ب : عمو . فقال لهُ مريد . انا بابا مش عمو ، فرد تميم الصغير : عمو بابا .

بعد ثلاثين عاماً حصل مريد البرغثي على لم الشمل، واستطاع أن يُسافر إلى فلسطين لكي يرى رام الله . لكي يشُم هواء الوَطن ويستمتع بهِ. ويبدُو أن أحوال الجسر قبل أكثر من عشر سنوات كانت مُختلفة . لم يتحدث كثيراً عن هذه المرحلة في كتابه. كانت قصيرَة، وليس فيها الشيء الكثير من جسر هذه الأيام. اليَوم الجسر مختلف، الجسر قاسي، مُتعب، مرهق، مريض ! يكُون الجسر مُتعباً بشكل كبير في أيام الصيف بسبب كثرة السفر، وهنالك العديد من العائلات تنام في الطريق بسبب عدم وصُول دورها ولأن إسرائيل قررت أن تكتفي بذلك العدد من الباصات ولا تسمح بالباقي !

يُذكرني مريد برام الله. في كتابه شقاءٌ نشتاقُه، أماكنُ نشتاقُها كثيراً. يحكي عن إنعاش الأسرَة، جبل الطويل، أم خليل ، حي الشَرفة، البيرَة، المنارَة، بوظة رُكب، أشجار الصُونبر والسرو، الهاشمية، الفرندز ، بيرزيت ، الكعك بسمسم ، الكنائس والجَوامع، كريسماس والعيد – الأماكن التي بالفعل كُنت أتردد عليها وأسكُن فيها - . يحكي مريد عن الود بين كُل من المسيحيين والمُسلمين في رام الله. أتذكر مرة أنني أخبرتُ أحد الزملاء ان رام الله رُغم انها مليئة بالمذاهب ، مليئة بالكنائس والجوامع. إلا أن الوُد بين الافراد ظاهر وعميق. أتذكر أننا كُنا نزور أصدقاءنا في كريسماس، نُهنئُهم في رأس السنة، يُرسلون لنا البيض المُزين في عيد الفصح. في عيد الفطر والأضحى يزوروننا. نُرسل لهُم القطائف في رمضان. لا يأكلُون أمامنا في رمضان. نتشاركُ الفرح والحُزن. العلاقات بينَ الأفراد هُنالك متينَةُ وقَوية.

ينتقلُ بعد ذلك مريد ليتحدثَ عن دير غسانة ، قريته الصغيرَة ، يحكي وَ الألم والشوق يعتصرُ قلبهُ. تلكَ الأحاديث كانت مُبكية فعلاً. أسالُ نفسي : هل سيأتي اليَوم الذي أكتُب فيه مُذكراتي عن رام الله ؟

قُمت بتصوير بعض الصور لرام الله ، وهي الأماكن التي ذكر مريد بعضها في روايته :


1 | مستوطنة بسجوت المقامة على جبل الطويل

2 | المنارة .

3 | قريب من المنطقة التي سكنها مريد في رام الله \ البيرة

4 | أيضاً بالقرب من المنطقة التي سكنها مريد في رام الله \ البيرة

هناك 6 تعليقات:

غير معرف يقول...

كوفية

أنا أخسر الكثير، لأني دائما ما أنوي وضع تعقيب في مدونتك، ثم يصدني عنه نظام بلوق بوست المعقد، فكرت في الوورد بريس؟

حسنا، رأيت رام الله، كتاب ضمن ما أبشر به من الكتب، نسيته الآن لأن ذاكرتي مثقوبة و قراءتي له كانت قبل ثلاث سنوات، لكني أبدا لا أنسى أبدا شعوري تجاهه، و الأصدقاء الذين أسقطتهم في حباله =)

اكتبي دائما

ثناء Kofiia يقول...

أهلاً محمد
صدقاً لقد فكرت بالوورد بريس وقُمت بفتح مدونة عليه ولكنني للأسف لم أعرف كيف أعمل على تعديل الخط والبانر وغيرها من الأمور. مما اقتضى أن أستفسر ولم أجد من يساعدني للأسف. حتى أهديت هذه المدونة لي :) .

الكتاب فعلا رائع .

نورت محمد ..

نهى جمال يقول...

حلو كلامك عن الرواية

وحلوة رام الله
ستشجعيني أن أقرأها :)

ثناء Kofiia يقول...

يا أهلا نهى ..
الرواية فعلاً رائعة ومليئة بالمشاعر.

نورتي.

غير معرف يقول...

رأيتُ رام الله
إنفصال جسد عن أرضه وسماءه وبشر يعرفهم ويعرفونه بإسم ( فلسطين ) .
فلسطين الأقصى .الإنتفاضه.ورائحةُ الشُهداء.
فلسطين كنفاني.درويش.مُريد.وأرواح غيرهم.
فلسطين الزيتون والليمون .

يارب مكّه والقُدس أحفظ ترابها..


_كوفيّه أوكرز :
أجد فيكِ فلسطين وزيتونها فلاتتوقفي.

أنثى كالمطر

ثناء Kofiia يقول...

هذا كثير يا أنثى :$
يا أهلاً بكِ (k)