الأحد، 20 فبراير 2011

اللغة العربية والإعلام - د. رشاد محمد سالم



يُفتتح الكتاب بالحديث عن تعريف اللغة وأصلها؛ فاللغة حسب تعريف ابن جني هي أصوات يُعبر بها كل قوم عن أغراضهم، بينما عرَّف المحدثون اللغة على أنها رموز صوتية منطوقة مسموعة مكتوبة ومقروءة. وهذه الرموز تتآلف معاً كي تشكل في النهاية ما يعرف ب " اللغة " . ينتقل الكاتب بعد ذلك للحديث عن أهمية اللغة في توثيق الصلات الانسانية، حفظ التراث القديم، نشر العلم والتعبير عن الفكر. ثم يتخصص ليبدأ بالحديث عن اللغة العربية بشكل خاص؛ منذ بداياتها حتى تشكُّلها في عصرنا هذا ويفرد بعد ذلك الكاتب صفحات للتحدث عن خصائصها ومميزاتها عن بقية اللغات الأخرى؛ فاللغة العربية هي لغة القرآن الكريم كما أنها من أقدم اللغات، صحيح أن هناك اللاتينية والعبرية وغيرها من اللغات التي تتسم بالقدم إلاأنها لم تحافظ على قوامها القديم؛ فجميعها تختلف جذرياً عمَّا كانت عليه في القدم واكتسبت في أيَّامنا هذه حلة جديدة.
يتحدث الكاتب بعد ذلك حول أهمية اللغة، وكيفية الحفاظ عليها؛ فلغتنا العربية اليوم تفتقر إلى حب أبنائها لها، فهم يزدرؤنها على حساب لغات أخرى كالانجليزية والفرنسية تعبيراً عن عدم ثقتهم بها، كما يشير الكاتب لضعف المجامع اللغوية والقرارات السياسية والحدود الآمنة التي من المفترض أن تلعب دوراً كبيراً في الحفاظ على اللغة العربية.
ينتقل الكاتب ليبدأ بالحديث حول الاعلام واللغة. فمن أهم عناصر الإعلام " الوسيلة " التي يُعرض بها الإعلام ألا وهي اللغة، والتي إن كانت فقيرة أدت لفقر المجتمع لغوياً فيما بعد. فلغة الإعلام هي التي تصوغ حضارة البشرة لا العكس، ذلك أن الإنسان اليوم صار يقضي الكثير من وقته متابعاً وسائل الإعلام المسموعة أو المقروؤة أو حتى المكتوبة وأخذت هذه الوسائل على عاتقها التفنن في تفتيت اللغة شيئاً فشيئاً حتَّى كونت – حالياً / وبرأيي – شباباً غير قادر على التمييز بين الفاعل والمفعول به، بين المضاف إليه والنعت، بين التاء والهاء وغيرها من الأخطاء الكثيرة. والمضحك بالأمر هو محاولة المذيع\ـة التفنن بملابس أو تسريحات معينة لتغطية الضعف اللغوي عندهم. علاوة على ذلك صار الإعلام يلعب الدور الأكبر في تشكيل اللغة عند الأطفال خصوصاً من خلال برامج الأطفال التي يغلب عليها العامية مما يجعلها تشكل الأخطر الأكبر على مجتمعنا العربي.
احتل الإعلام الدور الأكبر في تعليم اللغة وتربية الجيل، فصار دوره أعظم من دور المدارس إن أخذنا بعين الاعتبار أن المدرسة مجتمع منغلق لا حرية فيه، بينما الفرد يختار من الإعلام ما يود مشاهدته من برامج دون أن تُفرض عليه قيود معينة – مما هو متاح له بالطبع – مع الإشارة إلى أن وسائل الإعلام حالياً موجَّهَة لا موجِّهَة؛ فهي تجري وراء ما يرغبه المشاهد أو للبحث عن الربح وتحقيق بعض المطامع رغم أنه يُفترض بها أن تكون ذات رسالة شريفة تعمل على إيصالها بطريقة ملائمة.
على لغة الإعلام أن تكون بسيطة ومباشرة تهدف إلى تحقيق غايتها دون أن تغوص في الألفاظ المبهمة أو المنمقة والمزخرفة؛ فهي ليست رواية أو قصيدة جاهلية. كما أنها يجب أن تكون موجزة لأنها لا تحتمل أكثر من ذلك في هذا العصر. وعليها أن تتسم أيضاً بالمرونة والحركة .
قبل عدة سنوات في أواخر الخمسينات من القرن العشرين تحديداً بدأت العامية تشق طريقها إلى المحافل الرسمية وتولدت في تلك الفترة الفتن والحروب الداخلية الأمر الذي انعكس سلبياً على الإعلام. بدأت الدعوة إلى العامية تحديداً في كتابات المستشرقين وأولهم المستشرق " ولهلم سبيتا " الذي أصدر كتاباً بعنوان " قواعد اللغة العربية العامية في مصر " والذي قال فيه أن اللغة العربية ستموت مثلها مثل اللاتينية وغيرها من اللغات. كما أنه دعى لأن تقتصر اللغة العربية على الطقوس الدينية والبدء بالكتابة بالعامية معللاً بذلك ندرة المتعلمين في ذلك الوقت. كانت أخطر الدعوات للعامية هي دعوة المستشرق الانجليزي وليم ولكوكس الذي نشر مقالاً عنوانه " لمَ لمْ توجه قوة اختاراع لدى المصريين إلى الآن ؟ " علل فيه أن ندرة الاختراع تعود إلى تقييد الكتابة بالفصحى، ولا أعرف تحديداً ما هو الرابط العجيب الذي استخدمه للربط بين الاختراع واللهجة أو اللغة ؟
 
تحدث الكاتب بعد ذلك على الإعلان وسماته، فأهم سمات الإعلان حالياً هي أن يتكون من أحرف انجليزية، أو أن يكتب بأحرف لاتينية ، أو بأحرف عربية ولكنها تنطق بالانجليزية رغم أنه من المفترض أن يكون ذا لهجة عربية، سلسلة، بسيطة وموجزة تؤدي الغرض منها دون أن تحتوي على ألفاظ معقدة أو صعبة.
أفرد الكاتب بعد ذلك فصلاً كاملاً للحديث عن الأخطاء اللغوية الشائعة، وقسمها لأخطاء معجمية، وأخرى إملائية وصرفية ونحوية وأشار لبعض الكتب القديمة والحديثة التي أخذت على عاتقها أن تساهم في دثر هذه الأخطاء.
يرى الكاتب أن الوسيلة الأفضل لتقوية اللغة هي تحقيق بيئة سماعية قوية، وحفظ أجزاء من القرآن الكريم والأحاديث وممارسة اللغة العربية الفصحى .
كان الكتاب مشوقاً جداً، واستعرض العديد من المعلومات والأفكار المهمة التي سأحتاج لصفحات كثيرة للتحدث عنها .

هناك تعليقان (2):

واحد يقول...

جميل جدا

أشعر بالخزي حقا، تخيلي أن قسما منا لا يتقن لا الفصحى ولا حتى 50% من اللغة الإنجليزية الطبيعية للمراسلات أو كتابة الملاحظات على تصاميم ما.

سأقوم بكتابة مواقف غبية لأفراد مروا علي في مدونتي مع رابط لموضوعك هذا.

بالتوفيق يا كوفية...

ثناء Kofiia يقول...

أنا أكتر مشكلتين بشوفهم بمحيطي اللخبطة بين الهاء والتاء وفي الهمزات.
وقال شو الناس بتوديلي ولادها على مدارس أجنبية عشان تتقوى بالانجليزي !! طب قووهم بالعربي أول بعدين تعالوا قووهم بلغات تانية -_- !!

شكراً :)