الاثنين، 19 يناير 2009

كتاب التاو – انجيل الحكمة التاوية في الصين | فراس السواح




يفتتح فراس السواح كتاب التاو بمدخل يتحدث فيه عن التاو، ماهيته، وبعض الأمور التي تتعلق بهِ والتي تعتبر كأساس في هذا العالم – أعني عالم التاو - . ينتقل بعدّ ذلك لنص التاو وبعدها فصل كامل لشرح النص. ومن الأفضل أن يقوم الفرد بقراءة كل جزئية وقراءة شرحها بعد ذلك. اختصاراً للوقت وحتى يظل على علم بما تعنيه الفصول ولا يعمل على تأويل النصوص على هواه. كما أن الفرد بعد فترة سيُلاحظ بانه صار قادراً على تأويل النصوص بطريقة جيدة .

ينظُر الفكر الصيني للحياة والإنسان والوجود بناءً على حركة قوتين وهُما الين واليانغ. وتمثل إحداهما الموجب ( اليانغ ) والأخرى السالب ( الين ) ، وكما أنهما تمثلان الذكر والانثى ، السماء والارض، الخير والشر ... الخ من المتناقضات. فهاتان القوتان متناقضتين تماماً، وتعملان بشكلٍ مُكمل للآخر. وفي حال غلب اليانغ الين سينتج عندنا شيء موجب وفي حال حصل العكس فسينتج عندنا شيء سالب. ويقتضي التنويه أن هذه الاقطاب ليست في صراع ضد بعضها البعض . فعندما يبلغ اليانغ أعلى قمة له في الإرتفاع تحول إلى ين، وفي حال بلغ الين أعلى قمة له في الانخفاض تحول إلى يانغ. يتم تمثيل كل من الين واليانغ في دائرة تُسمى " دائرة التاو " والتي هي بلونين الاسود والأبيض اللذان في حقيقة الأمر أيضاً متناقضان كما أنه يُلاحظ أن في النصف الابيض هُنالك دائرة صغيرة سوداء وفي النصف الأسود دائرة صغيرة بيضاء. يعود السبب في ذلك إلى أن اليانغ لا يتجلى في حالته الصرفة لأن في كل إيجاب هنالك بعض السلبية والعكس صحيح .

تنقسم الحكمة الصينية لفرعين وهُما : * التاوية . * الكونفوشية. ويتم فهم التاوية عن طريق كتاب يُدعى كتاب التغيير الذّي في الأساس يستخدم لكشف الطالع حيث أنه يعتمد على عدد من الرموز التي تحتوي على عدد من الخطوط المرصوفة فوق بعضها البعض . وبعد ذلك وبإضافة خطوط أخرى تكون لدينا 64 رمزاً يحتوي بعضها على خطوط سالبة وأخرى موجبة. وكل خط من هذه يكون قابل للتغير . إذاً نستطيع القول بأن كتاب التغيير هو كتاب للحكمة وليس لكشف الطالع بعد أن تم إضافة الرموز تلك صارت تُعطي تفاصيل أدق غير الاجابة بنعم أو لا. فهو صار ينبئ عن صور الأحداث والوقت الرمزي التدريجي لتحققها.

إن استقرار الكون يعود إلى تقابل الاقطاب فكل تضاد يكافح الآخر وليس هذا من أجل سيادة أحدهما على الآخر بل للحفاظ على هذا التوازن في الكون.

تهدف الحكمة إلى معرفة كيف نستطيع أن نعيش في هذا العالم بينما يهدف العلم إلى معرفة مم يتكون العالم وكيف يعمل فبالتالي إن الحكمة تؤدي لموقف أو سلوك وهو ما يشير إليه التاو.

ما هُو التاو ؟

التاو هو الحكمة الصينية التي تعني الطريق – حرفياً - . وهو النظام الداخلي للصبيعة ، هو الفراغ والعدم في ذات الوقت ، هو منشأ كل الظواهر الحية والجامدة، هو الوجود المنبثق من اللافعل، يختفي بين الأصوات ويخترق الطريق الطويل.

يُشير نص التاو لأمور كثيرة. فهُو يتحدث عن عديد من الأمور وأهمها الحُكم والسياية والأمور الاجتماعية وكذلك صفات الحكيم – الانسان - . ينادي النص بشكل عام عن الزهد ، التواضع والقناعة وغيرها من الفضائل الحميدَة . فالحكيم يجب أن يعمل لأجل العمل لا لأجل المال أو لأجل مصلحة ما كما أنه لا يجب أن يبحث عن المقدمة فعندما يكون في المؤخرة سيجد نفسهُ فجأة صار بالمقدمة. أي أن على الانسان الحكيم أن يتصرف دوماً على سجيته وعلى المشاعر المتدفقة منه التي ليست من أجل الهوى أو من أجل المصالح التي ستفيد أشخاصاً آخرين ، واضعاً التفاؤل نصب عينيه. يتحدث النص كذلك عن الاتزان الداخلي . فعلى الانسان أن يستمع للموسيقا حتى يخمد الضجيج الذّي في قلبه ويترك الموسيقا في أحيانٍ أخر ليجعل من الطبيعة تقوم بعملها. فالطبيعة قادرة على أن تحقق التوازن. كما أن الإنسان يجب عليه أن يتحلى بالتواضع دوماً وإلى اللافعل من خلال الفعل.

في النص السابع عشر يبدأ بالحديث عن السياسة والحُكم كما أنه في نهاية النصوص يستمر ويتحدث بشكل أكبر عن الحُكم ، فهو يقول : على الدولة الكبيرة أن تكون مثل سرير النهر. حيث تلتقي كل مياه الارض. العزلة والتوحد وسوء الطالع كلمات يكرهها الجميع . ومع ذلك فإن الحكام والأمراء يستخدمونها لوصف أنفسهم. من يتفاخر لا يجوز المكانة. من يتبجح لا ينال الاعتراف. أفضل الحكام من شابه الظل عند رعيته. لا يباري أحداً ، ولذا فلا منافس له.

ينتهي الكتاب بالإشارة والتأكيد لوجوب معرفة النفس التي لا تكون بالدراسة والتحصيل يبد أن الدراسة او التحصيل تفيد في معرفة كل شيء إلا النفس.

التاو هُو كتاب الحكمَة !


ليست هناك تعليقات: