الثلاثاء، 21 أكتوبر 2008

يا فرحاً واسعاً ،


بالي مشغُول . أفكر في الحُزن والفَرح مَعاً، كيفَ للفرح أن يصيرَ حُزناً وكيفَ للثلجِ أن يصيرَ دمعاً ؟ . أريدُ أن أعقدَ اتصالات كَثيرَة الليلَة. أن أبتسم وأودع أشياءَ كَثيرَة. أريدُ أن اتحدثَ كالنساء في مَواضيع كَبيرَة وأشربَ القَهوة كُل صباحٍ على البَلَكُونَة. أريد أنْ أتحدث كَثيرَاً وأسرق يختاً كَبيراً لأبحرُ فيهِ وأستنشقَ الهَواء البَعيدَ الذّي أحنُ إليهِ .أنا مُشبعَة وأريُد أن أفرغَ ما فيَّ من طاقَة .
كُنت أبعُث رسائل عَديدة في الفتر الأخيرَ : مُستعدة ؟ متأهبَة؟ هل انتهت الحُجوزات ؟ كيفَ يحدُث كُل شيءٍ ؟ بسُرعَة ؟ وتأتيني اتصالات عَديدة : ما لونُ فُستانك ؟ كيفَ ستكُون تسريحَتُك ؟ هل ترجُفين ؟
الأشياءث الجَميلَة تأتي مُسرعَةً. تُخبئ نَفسها في تُويج زَهرة تتفتحُ مرَّةً كُل فصلٍ وتمُوت عندَما يهطلُ الحُزن الكَثيرُ. إنَّهَا لن تستمر في النمُو إلا إذا سَرقنَا الضُوء لَها وخبأناهُ في قارُورَة وصلينا من أجل أن تظلَ على قيدِ الحَياة وقتاً أطوَلْ.
كأن الأشياءَ تكبُر بسُرعَة؛ تهطُل سريعاً وتتوقفُ لتعُود في السنة القادمَة. إنها فارعَة كشجرَة صُنوبرٍ ولكنَّها ستمُوت إنْ فكرنا بقطعهَا . وبالمثل فإن الحكايا الصغيرَة التي كانت الجدَّةُ تُسمعنُا إيَّاها عندَما كُنا صغاراً تكبرُ مَعنا وتموُت عندَما نكتشفَ الحقيقَة الكامنَة وراءَها.
إنَّ فكرَة انسلاخ الفرد من الروتين الذي يعيشُهُ ومضيهِ بحياةٍ أخرى و رُوتين آخر ومُدنٍ مُختلفَة ومُناسباتٍ جَديدة. وحفلات وكُؤوس عَصير و عشاء في مُنتصف الليل في أحد الفنادق وربطات عُنق ورَقص وابتسامات كَبيرَة وطفل صَغير ينعقدُ في الرحمِ أمرٌ صعبٌ كَثيراً. كانت إحدى زميلاتي تتحدثُ وتقُول : أنا مُتعبَة. فقالت لها أخرى : خير ايش فيكي ؟ فردت : بس تصيري متلي بتعرفي ايش فيني . صحتُ أنا : أشُوف ؟ أشُوف بطنك . أشُوفْ صورته. أسْمَعْ صوتَه. حددت بطنَها وقالت : انظري . كَبير هاه ؟ فقلت : ليسَ كَثيراً . فاخذتُ أخبر زميلَتنا الأخرى أنهُ من الصعب أن أشعرُ أن هُنالك مخلوقاً آخرَ سينسلخُ عني يَوماً ما ويُناديني ماما ويحمل جيناتي الوراثيَّة. سأفكر كَثيراً قبلَ أن ينشطر جسَدي لنصفين. فالأمر بحد ذاته مُعجزَة مُخيفَة.
سنمشي من تحت القَوس ونقذفُ الوُرودَ جميعاً ونُودعُ بعضَنا البَعض غَداً. سنبكي ونرمي أحذيتنا للخَلفِ ونضحك لأن المُستقبل ما هُو إلا حكايَة كانت تُرتَّل بالماضي ونتهيءُ لَها. الحياةُ بحد ذاتها قصَّة مجنُونة ومُدهشَة ولُغز طَويل لا حلَّ لهُ.

هناك 4 تعليقات:

غير معرف يقول...

المُستقبل ما هُو إلا حكايَة كانت تُرتَّل بالماضي ونتهيءُ لَها. الحياةُ بحد ذاتها قصَّة مجنُونة ومُدهشَة ولُغز طَويل لا حلَّ لهُ.
_


حكايةٌ حلوة يا كوفية
لذيذة و سعيدة جداً، تحمل الكثير من التفاصيل المُفاجئة.
أتمنى أن تكون أمنيتي الكبيرة لكِ بالتوفيقِ كافية (L)

ثناء Kofiia يقول...

أهلاً عزيزتي ندى ،
أتمنى لكِ التوفيق أيضاً (l)

fo0fo0 يقول...

رائعه ياكوفيه ..

الحديث في انسلاخ روح من جسدي

يخفينـي جداً ..

لااحب ان افكـر فيه قبل آوانه >_<

شكراً لطرحك الرائع عزيزتي ..

ثناء Kofiia يقول...

أهلاً فوفو
هُو معجزة حقيقية يا صديقتي،